العدناني كبير المشرفين
عدد الرسائل : 7585 الدولة : الأردن الوظيفة ؟ : محاسب قانوني المؤهل العلمي : بكالوريوس السٌّمعَة : 41 نقاط : 19846
بطاقة الشخصية المزاج: البرج: الهوايه:
| موضوع: الشروط في البيع الأحد 6 سبتمبر 2009 - 20:17 | |
| الشروط في البيع حامد بن عبد الله العلي
الفرق بين شروط البيع والشروط في البيع ، أن الشروط في البيع يقصد بها ، تلك الشروط التي يتفق عليها الطرفان البائع والمشتري ، أثناء عقد البيع ، مثال ذلك : وضع شرط جزائي على المقاول إذا لم ينه البناء خلال شهر مثلا .
أو أن أبيعك سيارة وأقول لك : بشرط أن لا تبيعها حتى تنهي أقساطها ، أو يشترط الخيار في البيع لمدة ثلاثة أيام ، أو الرهن ، ونحو ذلك .
والعقود هذه الأيام ، مليئة بالشروط بسبب تعقد الحياة ، فما هي أهم أحكام الشروط في البيع ؟.
*** قال كثير من العلماء : الشروط نوعان ، صحيح وفاسد..
والشرط الصحيح على ثلاثة أنواع :
1 – شرط من مقتضى العقد ، وهو كما يقال ( تحصيل حاصل ) ، كأن تعطيني البضاعة وأعطيك الثمن ( تسليم الثمن والمثمن ) .
2– شرط من مصلحة العقد ( الرهن ، الشهود ، الخيار ) .
3 – شرط البائع أو المشتري نفعا معلوما ، مثل أن يشترط البائع سكنى الدار شهرا قبل تسليمها إلى المشتري ، أو يشترط المشتري على البائع حمل الحطب أو تكسيره ونحو ذلك .
والحنابلة هنا لا يجيزون أكثر من شرط من النوع الثالث ، ويقولون إن شرط أكثر من شرط ، بطل البيع ، ولكن الصحيح أنه لا يبطل ، وله أن يشترط أكثر من شرط من النوع الثالث ، وهم قد استدلوا بحديث ( لا يحل سلف وبيع و شرطان في بيع ولا ربح ما لم يضمن ولابيع ما ليس عندك) رواه الخمسة من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه ، إلا ابن ماجة فله منه ( ربح ما لم يضمن وبيع ما ليس عندك ) وسنبين معناه قريبا إن شاء الله تعالى .
وننبه هنا إلى أمر مهم جدا : وهو أن كثيرا من العلماء يعتبرون الشروط في الأصل باطلة ، وهذا يسبب إشكاليات كثيرة في هذا العصر ، فالمعاملات الحالية مليئة بالشروط ، وتتم صفقات بين دول بشروط وبنود كثيرة ودقيقة للغاية ، فإذا جعلنا الأصل في الشروط أنها محرمة فهذا سيكون سببا في حرج شديد ، وسنأتي بعد قليل على هذه النقطة بمزيد إيضاح .
أما الشروط الفاسدة فقسمت إلى :
1 – شرط يبطل العقد من أصله ، كاشتراط أحدهما على الآخر عقدا آخر ، كسلف أي سلم ، وقرض ، وبيع وإجارة ونحو ذلك .
2 – فاسد يبطل الشرط ويصح العقد ، أي يصح معه البيع ، كأن يشترط أن لا خسارة عليه ، أو متى نفق وإلا رده ، أو لا يبيع السلعة ، أو لا يهبها ، أو أن يبيعها على فلان ، أو يهبها لفلان ، فهنا عند جمهور العلماء ، يبطل الشرط وحده ، ويصح العقد ، وسيأتينا أن الصحيح صحة هذه الشروط .
3 – ما لا ينعقد معه العقد ، كقوله بعتك إن رضي فلان ،أو إن جئتني بكذا.
هذا هو التقسيم المشهور ، غير أن ثمة نزاع في كثير من أنواع القسم الثاني ـ قسم الشرط الفاسد ـ ، وجمهور العلماء يجعلون الأصل في الشروط التحريم ، فلا يباح منها إلا بدليل ، ولهذا فقد جعلوا كثيرا من الشروط التي فيها مصلحة للمتعاقدين أو أحدهما ، فاسدة ، وبعضهم أجاز الشرط الواحد ومنع أكثر منه ، وكل ذلك فيه نظر .
وقد ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية إلى أنه لا يصح القول بأن الأصل في الشروط التحريم ، وقال : إن الصحيح أن الأصل في الشروط في البيع الإباحة ما لم يرد نص بالتحريم .
ومثال على ذلك : لو باعك بائع السلعة وشرط أن لا تبيعها لغيرك ، إلا بعد أن تعرضها عليه ، أو اشتريت سلعة بشرط إن نفقت وإلا رددتها على البائع ، فالأصل إباحة هذه الشروط وتلزم بالعقد ، وكذلك إذا شرط المشتري على البائع أكثر من شرط ولكنها مباحة في الأصل ، كل ذلك جائز وصحيح ولازم ، لأنه لم يرد نص في تحريمها .
وقد أورد العلماء القائلون بأن الأصل في الشروط التحريم عدة أدلة :
1– منها حديث ( كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط) [متفق عليه من حديث عائشة رضي الله عنها ].
2– حديث (نهى عن بيع وشرط ) .
3 – حديث ( نهى عن بيع وسلف وعن شرطين في بيع).
ورد عليهم شيخ الإسلام ابن تيميه بما يلي :
قال رحمه الله " القول الثاني أن الأصل في العقود والشروط : الجواز والصحة ولا يحرم منها ويبطل إلا ما دل الشرع على تحريمه وبطلانه ، نصا أو قياسا ، عند من يقول به ، وأصول أحمد المنصوصة عنه : أكثرها يجري على هذا القول ومالك قريب منه ، ولكن أحمد أكثر تصحيحا للشروط ، فليس في الفقهاء الأربعة أكثر تصحيحا للشروط منه .... هذا القول هو الصحيح : بدلالة الكتاب والسنة ، والإجماع ، والاعتبار مع الاستصحاب ، وعدم الدليل المنافي .
أما الكتاب فقد قال تعالى { يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود } والعقود هي العهود ، وقال تعالى : { وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى وبعهد الله أوفوا } وقال تعالى { وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا } فقد أمر الله بالوفاء بالعقود ، وهذا عام ، وكذلك أمر بالوفاء بعهد الله وبالعهد ، وقد دخل في ذلك ما عقده المرء على نفسه ، بدليل قوله تعالى { ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل } فدل على أن عهد الله يدخل فيه ما عقده المرء على نفسه ، وإن لم يكن الله قد أمر بنفس ذلك المعهود عليه قبل العهد ، كالنذر والبيع ، إنما أمر بالوفاء به ، وهذا قرنه الصدق في قوله { وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى وبعهد الله أوفوا } ...وإذا كان جنس الوفاء ورعاية العهد مأمورا به ، علم أن الأصل صحة العقود والشروط ، إذ لا معنى للتصحيح إلا ما ترتب عليه أثره ، وحصل به مقصوده ، ومقصود العقد : هو الوفاء به ، فإذا كان الشارع قد أمر بمقصود العهد ، دل على أن الأصل فيها الصحة والإباحة "
وأجاب على الاحتجاج بحديث ( ليس في كتاب الله ) بقوله : " وأما قوله صلى الله عليه وسلم ( من اشترط شرطا ليس في كتاب الله فهو باطل ، وإن كان مائة شرط ، كتاب الله أحق ، وشرط الله أوثق ) فالشرط يراد به المصدر تارة ، والمفعول أخرى ، وكذلك الوعد والخلف ، ومنه قولهم درهم ضرب الأمير ، والمراد به هنا ـ والله أعلم ـ المشروط ، لا نفس المتكلم ، ولهذا قال : ( وإن كان مائة شرط ) أي : وإن كان مائة مشروط ، وليس المراد تعديد التكلم بالشرط ، وإنما المراد تعديد المشروط ، والدليل على ذلك قوله : ( كتاب الله أحق ، وشرط الله أوثق) ، أي : كتاب الله أحق من هذا الشرط ، وشرط الله أوثق منه ، وهذا إنما يكون إذا خالف ذلك الشرط كتاب الله وشرطه ، بأن يكون المشروط مما حرمه الله تعالى ، وأما إذا كان المشروط مما لم يحرمه الله تعالى ، فلم يخالف كتاب الله وشرطه ...... فمضمون الحديث : أن المشروط إذا لم يكن من الأفعال المباحة ، أو يقال : ليس في كتاب الله : أي ليس في كتاب الله نفيه ، كما قال ( سيكون أقوام يحدثونكم بما لم تعرفوا أنتم ولا آباؤكم ) أي : بما تعرفون خلافه ، وإلا فما لا يعرف كثير " [مجموع الفتاوى 29/ 132ـ161]
ومعنى كلامه أن مقصود حديث ( كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل ) أي كل مشروط حرمته الشريعة ، فهو باطل ، وليس مقصوده أن كل شرط زائد على العقد محرم إلا ما كان منصوصا عليه .
أما الحديث الثاني : وهو حديث ( نهى عن بيع وشرط ) فهو حديث لا أصل له فلا يحتج به .
أما الحديث الثالث : وهو حديث ( نهى عن شرطين في بيع ) قال ابن القيم : إن الصحيح أن الشرطين في البيع هما البيعتان في البيعة ، وهو بيع العينة ، وهو أن يحتاج الشخص للنقد ، فيأتي شخصا آخر ، ويقول له : أبيعك سيارتي بثلاثة آلاف نقدا وأشتريها منك بخمسة مقسطة .
قال ابن القيم رحمه الله في تعليقه على معالم السنن بعد ذكر الأقوال في تفسير حديث ( نهى عن شرطين في بيع ) : "فإذا تبين هذه الأقوال فالأولى تفسير كلام النبي صلى الله عليه وسلم بعضه ببعض . فنفسر كلامه بكلامه . فنقول : نظير هذا نهيه صلى الله عليه وسلم عن صفقتين في صفقة , وعن بيعتين في بيعة . فروى سماك عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه قال ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صفقتين في صفقة ) . وفي السنن عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ( من باع بيعتين في بيعه فله أوكسهما , أو الربا ) . وقد فسرت البيعتان في البيعة بأن يقول ( أبيعك بعشرة نقدا , أو بعشرين ونسيئة) هذا بعيد من معنى الحديث من وجهين . أحدهما : أنه لا يدخل الربا في هذا العقد . الثاني : أن هذا ليس بصفقتين , إنما هو صفقة واحدة بأحد الثمنين . وقد ردده بين الأوليين أو الربا . ومعلوم أنه إذا أخذ بالثمن الأزيد في هذا العقد لم يكن ربا . فليس هذا معنى الحديث . وفسر بأن يقول " خذ هذه السلعة بعشرة نقدا وآخذها منك بعشرين نسيئة وهي مسألة العينة بعينها . وهذا هو المعنى المطابق للحديث . فإنه إذا كان مقصودة الدراهم العاجلة بالآجلة فهو لا يستحق إلا رأس ماله , وهو أوكس الثمنين فإن أخذه أخذ أوكسهما , وإن أخذ الثمن الأكثر فقد أخذ الربا . فلا محيد له عن أوكس الثمنين أو الربا . ولا يحتمل الحديث غير هذا المعنى وهذا هو بعينه الشرطان في بيع . فإن الشرط يطلق على العقد نفسه . لأنهما تشارطا على الوفاء به فهو مشروط , والشرط يطلق على المشروط كثيرا , كالضرب يطلق على المضروب , والحلق على المحلوق والنسخ على المنسوخ . فالشرطان كالصفقتين سواء . فشرطان في بيع كصفقتين في صفقة : وإذا أردت أن يتضح لك هذا المعنى فتأمل نهيه صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عمر عن بيعتين في بيعة , وعن سلف وبيع . رواه أحمد . ونهيه في هذا الحديث عن شرطين في بيع وعن سلف في بيع فجمع السلف والبيع مع الشرطين في البيع , ومع البيعتين في البيعة . وسر ذلك : أن كلا الأمرين يؤول إلى الربا , وهو ذريعة إليه . أما البيعتان في بيعة : فظاهر , فإنه إذا باعه السلعة إلى شهر ثم اشتراها منه بما شرطه له , كان قد باع بما شرطه له بعشرة نسيئة . ولهذا المعنى حرم الله ورسوله العينة . وأما السلف والبيع : فلأنه إذا أقرضه مائة إلى سنة , ثم باعه ما يساوي خمسين بمائة : فقد جعل ذا البيع ذريعة إلى الزيادة في القرض الذي موجبه رد المثل , ولولا هذا البيع لما أقرضه ولولا عقد القرض لما اشترى ذلك . فظهر سر قوله صلى الله عليه وسلم ( لا يحل سلف وبيع , ولا شرطان في بيع ) وقول ابن عمر " نهى عن بيعتين في بيعة وعن سلف وبيع " واقتران إحدى الجملتين بالأخرى لما كانا سلما إلى الربا . ومن نظر في الواقع وأحاط به علما فهم مراد الرسول صلى الله عليه وسلم من كلامه , ونزله عليه . وعلم أنه كلام من جمعت له الحكمة , وأوتي جوامع الكلم , فصلوات الله وسلامه عليه , وجزاه أفضل ما جزى نبيا عن أمته " انتهى.
*** واليوم يحدث هذا البيع ـ أعني شرطين في بيع أو بيعتين في بيعـــــة ـ بطريق الحيلة ، فيذهب اثنان إلى البنك الإسلامي ، يقول أحدهما أريد أن أبيع سيارتي على فلان تظاهرا فقط ، ثم ترد السيارة على صاحبها بعد انتهاء المعاملة ، الهدف أن يأخذ من البنك الإسلام المال نقدا ، والبنك يقسط عليه السعر الجديد ، وهذه تسمى العينة الثلاثية ، لأنهما أدخلا طرفا ثالثا هو البنك الإسلامي ، وهذا البيع هو المقصود بالنهي عن شرطين في بيع ، أي بيع العينة ، أو بيعتين في بيعة كلها بمعنى واحد .
*** والخلاصة : أن حديث المؤمنون على شروطهم ، عام يدل على إباحة الشروط ما لم يرد نص على تحريم شرط بعينه ، وأن كل شرط غير محرم فهو ملزم والله اعلم ، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية : " وأصول أحمد ونصوصه تقتضي جواز شرط كل تصرف فيه مقصود صحيح ، وإن كان فيه منع من غيره" [مجموع الفتاوى 29/169]
منقول |
|