تحليل مخاطر الاستثمار في المصارف الإسلامية بين النظرية والتطبيق / السيد محمد نور علي عبد الله

الملخص
يشتمل هذا البحث على بيان ما أخبر الله تعالى عنه: أن الوحي الإلهي المنزل على نوح والنبيين من بعده –عليهم السلام- حتى آخرهم وخاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم، نزل بشرع واحد هو أصول الدين التي تتفق فيها جميع الرسالات الإلهية، كالإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، والجزاء والحساب، فهذه أركان الدين التي لا تتغير من دين لآخر ومن نبي لآخر. أما الشرائع التي تنظم حياة الناس في معاشهم وحياتهم، وفي أمور دينهم ودنياهم، فتختلف من شريعة لأخرى، وكانت أولى الشرائع التي أخبر الله تعالى عنها، أنها نزلت بشرائع حياتية تنزم حياة الناس هي شريعة التوراة المنزلة على موسى عليه السلام، فقد شرع الله تعالى فيها أسباب حفظ دينهم ودنياهم، وتعظيم شعائر الله، وعبادته بالصلاة والزكاة والصدقة والصوم، وغقامة الحدود، والأمر بفضائل الأخلاق، والنهي عن الفواحش والآثام. ثم كانت شريعة موسى –عليه السلام- شريعة النبيين من بعده، حتى آخر أنبياء بني إسرائل المسيح عيسى بن مريم –عليه السلام- الذي أنزل الله تعالى عليه الإنجيل مصدقاً لما بين يديه من التوراة من الشرائع والعبادات، والعمل بما فيها من أحكام الحلال والحرام، وليحل لبني إسرائل بعض الذي حرم الله عليهم. وهذا البحث الذي بين أيدينا بيان لمعظم الشرائع التوراتية التي بعث المسيح –عليه السلام- مصدقاً لها، وأوجب العمل بها، وبيان ما أحل المسيح مما كان محرماً فيها، وما نسب إلى المسيح أنه حرم بعض ما كان حلالاً فيها، وفيه الرد على تأويل النصارى لأقوال المسيح –عليه السلام- التي صرفوها عن معناها، وزعمهم أن المسيح أبطل شرائع التوراة، وبيان ضلالهم في تحليل ما حرم الله، وتحريم ما أحل الله، وأن ذلك من شرع أحبارهم ورهبانهم الذين اتخذوهم أرباباً من دون الله. والدعاة إلى الله بين أهل الكتاب في هذا الزمان، بحاجة إلى العلم بما شرع الله لمن كان قبلنا من شرائع الدين؛ لأجل الدعوة إلى كلمة سواء بيننا وبينهم، بالحكمة والموعظة الحسنة، وبيان أن الرسالات الإلهية يكمل بعضها بهضاً حتى اكتملت بالإسلام، الذي من يبتغ غيره ديناً فلن يقبل منه.


المقدمة
أ - أهمية ومشكلة الدراسة :


تعتبر تجربة المصارف الإسلامية ثمرة من ثمار الصحوة الإسلامية المباركة التي يشهدها العالم الإسلامي اليوم، والتي تدعو إلى تطبيق منهج الله في كافة مجالات الحياة، وتطهير معاملات المسلمين من الربا وجميع صور التعامل الحرام.

ولما كانت هذه التجربة حديثة وتقوم على أسس وقواعد تختلف عن قواعد النظام المصرف الربوي السائد كان من الطبيعي أن يسبب لها ذلك مخاطر ومشكلات عملية لا تعيقها عن أداء دورها الريادي في تحقيق التنمية الشاملة فحسب بل وتهدد وجودها واستمرارها أيضاً، الأمر الذي يظهر الحاجة إلى وجود دراسات مستقلة ومتخصصة تعنى بدراسة هذه الظاهرة وتحليلها وتقديم الحلول المناسبة لها.


ب – سبب اختيار الموضوع :


بدأ التفكير في هذا الموضوع بعد ملاحظة النجاحات المتوالية التي حققتها المصارف الإسلامية في زمن قياسي، صاحبها شعور لدى البعض بأن هذه المصارف لا تواجه مخاطر يمكن أن يعتد بها، وإن وجدت فيه لا تختلف عن المخاطر التي تواجه المصارف أن تحقق معدلات مرتفعة من الأرباح، وتحافظ على نسب عالية من الاحتياطات مقارنة بغيرها من المصارف العاملة داخل الأجهزة المصرفية التي عمل فيها، ولما كانت القراءة الجادة للقوائم المالية لهذه المصارف والنظرة الفاحصة إلى النشاطات التي تقوم بها توحي بغير ذلك، دفعني كل ذلك إلى التصدي لهذا الموضوع، لكشف النقاب عن المخاطر المختلفة التي تتعرض لها هذه المصارف، وتحديد أبعادها ومظاهرها وآثارها على أعمال المصارف الإسلامية.


ج – هدف الدراسة :


تهدف هذه الدراسة إلى حصر وتحديد المخاطر التي تواجه المصارف الإسلامية، وتحليل عواملها المختلفة، وتعميمها على المصارف الإسلامية، ومن ثم اقتراح آليات يمكن من خلالها مواجهة تلك المخاطر، والتخفيف من آثارها على المصارف الإسلامية.


د – فرضيات الدراسة :


تقوم هذه الدراسة على عدة فرضيات هي :

1ـ أن المصارف الإسلامية تواجه مخاطر أعلى من المخاطر التي تواجهها المصارف التقليدية.

2ـ وبناء على الفرضية الأولى فإن الأعباء التي تقع على دوائر الاستثمار في المصارف الإسلامية أكبر منها في المصارف التقليدية.

3ـ تلعب البيئة والقوانين المصرفية السائدة دوراً بارزاً في تحديد النشاط الاستثماري التي يقوم به كل مصرف إسلامي منفرداً.

4ـ يتوقف نجاح تطبيق كثير من العقود الشرعية في المصارف الإسلامية على توافر درجة عالية من النـزاهة والثقة لدى المتعاملين مع المصارف الإسلامية.


هـ - منهجية الدراسة :


ستستخدم هذه الدراسة في إطارها النظري المنهج الاستقرائي من حيث تتبع مصادر المخاطر التي تواجه المصارف الإسلامية في مجال الاستثمار وعلاقتها مع البيئة والقوانين السائدة وتحليل عواملها المختلفة، والتوصل إلى نتائج يمكن تعميمها على المصارف الإسلامية.

أما في الجانب التطبيقي من الدراسة فسيتم استخدام المنهج الاستنباطي ممثلاً في تطبيق المعايير والنسب المالية والتحليل الأفقي والرأسي للقوائم المالية لمصرف إسلامي سيتم اختياره لهذا الغرض ومحاولة كشف نوعية المخاطر التي تواجه هذا المصرف، مستفيدين أيضاً من أدوات التحليل المالي الأخرى التي تتناسب مع حجم البيانات المالية المتوافرة عنه.


ومن الأهمية بمكان الإشارة إلى أن نتائج الدراسة التطبيقية غير قابلة للتعميم على جميع المصارف الإسلامية لأن ذلك يتطلب توفير أكبر عدد ممكن من البيانات عن المصارف الإسلامية محل الدراسة عن فترة معينة، كما يشترط لتحقيق ذلك أن تكون العينة المختارة كافية ومناسبة لتمثيل مجتمع الدراسة، الأمر الذي يفوق حجم هذا البحث، وبالتالي فإن نتائج الدراسة التطبيقية ستنطبق فقط على المصرف الإسلامي الذي سيخضع لهذا التحليل، وهذا لا يمنع من أن تستخدم نتائج الدراسة التطبيقية كمؤشر يمكن أن يقود الباحثين إلى إجراء دراسات موسعة ومتعمقة في هذا المجال يشمل أكبر عدد ممكن من المصارف الإسلامية.

منقول